اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
خطبة الجمعة العطيف
6686 مشاهدة
تيسر أسباب الحج

وكذلك نعرف يا عباد الله، أن هذا الحج -والحمد لله- قد تيسرت أسبابه، وقد سهل أمره، بدل ما كان شاقا صعبا، كما في قول الله تعالى: وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ أخبر بأنهم قديما لا يبلغون البيت إلا بعد شق الأنفس، وبعد التعب وبعد المشقة؛ وذلك لبعد المسافة، ولتكلف الوصول، ولصعوبة الطرق، وكذلك أيضا لوجود قطاع الطريق؛ لوجود من يقطعوا على الحجاج طريقهم، ويسلبهم أموالهم ورواحلهم ونفقاتهم، فهذا كله قد زال بحمد الله بعد أن هيأ الله هذه الدولة التي أمنت الطرق، وأخذت على أيدي أولئك الكفار، وقطعت دابرهم.
وكذلك أيضا يسر الله الطرق، وسهلت وسفلتت، وأصبح الطريق بعدما كان يقطع في أيام متتابعة يقطع في ساعات قليلة؛ وذلك فضل الله، وذلك تيسيره على عباده.